ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

البحث عن الحقیقة ينسجم مع الفطرة الإنسانیة

20:01 - September 01, 2023
رمز الخبر: 3492545
بيروت ـ إکنا: أن نبحث عن الحق والحقيقة، وألا نرضى عنهما بدَلاً ولا حِوَلاً، وهذا ينسجم مع فطرتنا الإنسانية التي تبحث عن الحق وتطلبه، فما من إنسان إلا وهو يريد الحق ولا يقبل عنه بَدلاً، لأن للحق قيمة ذاتية يؤمن بها جميع البشر،

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "تَحَرَّ مِنْ أَمْرِكَ ما يَقُومُ بِه عُذْرُكَ، وتَثْبُتَ بِه حُجَّتُكَ"

وصِيَّة خالدة، ومنهج قويم يرشدنا إليه الإمام علي (ع) يجب أن تبتني عليه قناعاتنا وأفكارنا ومعتقداتنا، وأفعالنا وسلوكياتنا، ومواثيقنا وعهودنا ووعودنا والتزاماتنا، وما نقبله وما نرفضه، وما نحبه وما نبغضه، وما ندعو إليه وما ننهى عنه.

وبكلمة واحدة: كلُّ أمر من أمورنا وشأن من شؤوننا يجب أن يقوم على أساس متين وبراهين ساطعة وحجج قاطعة، ويقين لا يخالجه شَكٌّ، كي نستطيع أن نحتَجًّ به أمام كل من سيسألنا عمّا اعتقدنا وآمنا وتبنينا من أفكار وآراء، وما كان مِنّا من أفعال وسلوكيات. 

إن عقولنا وضمائرنا، والناس، والله، كلهم يسألوننا: لِما اعتقدتم بكذا، وآمنتم بكذا، وفعلتم كذا، وسلكتم هذا الطريق دون سواه، واتخذتم ذلك الموقف دون غيره، وعلينا أن نُقَّدِّم لهم ما يعذرنا بين أيديهم وما يكون حجة لنا.

لذلك قبل أن نتبنى عقيدة، أي عقيدة، يجب أن نسأل أنفسنا: لماذا، وعلى أي أساس أختار هذه العقيدة دون سواها، وما هو المعيار، هل هو الانتماء العائلي، أم المناطقي، أم الوطني، أم القومي؟ هل هو البيئة، أم الوراثة؟ هل فكَّرتُ طويلاً قبل أن اعتقد بها أم وجدت أسلافي مؤمنين بها وأنا بهم أقتدي؟ هل بَرهَنتُ عليها ببراهين لا تقبل البُطلان، ولا تنال منها الشُّبُهات؟ هل قارنتها بعقائد أخرى؟!، هذه أسئلة يجب أن أطرحها على نفسي كي أقدر أن أحتج واعتذر.

 وقبل أن نُقدم على الفِعل، أي فعل، أو نتخذ قراراً، أو نختار خياراً، يجب أن نسأل أنفسنا ما الهَدف الذي أسعى إليه، وما الدّاعي والمُسَوِّغ والمَبرِّر والعُذر، فإن لم أسأل نفسي سيسألني الناس والله، ولا بُدَّ من أن أكون قادراً على الاحتجاج والإثبات.


حياتنا لا يمكننا أن نعيشها كيفما كان، وعقيدتنا وفكرنا وآراؤنا وقيمنا ومواقفنا وسلوكياتنا وأفعالنا وكل أمر من أمورنا لا يمكن أن نتبناها أو نفعلها كيفما اتفق، إن هكذا طريقة في تبني العقائد والآراء والمواقف لا تليق بالإنسان الذي يُقَدِّر ذاته ويحترم عقله ويريد أن يكون مصيباً الواقع والحق، ويخشى أن يكون ما يعتقد به باطلاً، وفيما يفعل ظلم وتعدٍّ.

إن أمير المؤمنين (ع) يدعونا إلى أن نتَحَرَّى من أمورنا ما نكون فيه معذورين بين يدي الله حين يسألنا عنها يوم الحساب، وتكون حُجَّتنا فيه بالغة. وقوله (ع): تَحَرَّ يحتمل معنيين اثنين: 

أوّلهما: أن نبحث عن الحق والحقيقة، وألا نرضى عنهما بدَلاً ولا حِوَلاً، وهذا ينسجم مع فطرتنا الإنسانية التي تبحث عن الحق وتطلبه، فما من إنسان إلا وهو يريد الحق ولا يقبل عنه بَدلاً، لأن للحق قيمة ذاتية يؤمن بها جميع البشر، ولذا نراهم يدَّعونه، ولا يقبلون أن ينعتهم أحدٌ أنهم على باطل من أمرهم، أما أولئك الذين يرتضون الباطل فهم استثناء في الناس.
 
الثاني: أن نعتقد ونفعل ما هو أحرى بالاعتقاد والفعل، وهنا لا نكتفي بالبحث عن الحق والحقيقة، بل نُمسك بالحقيقة ونحمل الحق في مواقفنا وأفعالنا وسلوكياتنا، كما ندعو في دعاء الافتتاح الشريف فنقول: "اَللّهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِن الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وَمَا قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ".

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha