ایکنا

IQNA

مسلمو بولندا.. تاريخٌ من التضحيات

17:17 - July 24, 2022
رمز الخبر: 3486999
وارسو ـ إکنا: يُبرز النصب التذكاري الكبير المثبت على عربة سكة حديد في العاصمة وارسو، دور المسلمين في الدفاع عن بولندا خلال قرون من الزمن.

ويظهر على النصب عدد من الرموز الدينية كالصلبان الكاثوليكية والأرثوذكسية، بالإضافة إلى الرموز اليهودية والإسلامية.

كاتارزينا غوراك- سوسنوفسكا، أستاذة مشاركة في جامعة وارسو للاقتصاد، قالت للأناضول، إن وجود رمز الهلال الخاص بالمسلمين جنبا إلى جنب مع نجمة داود اليهودية يعكس مشهد التعدد العرقي والديني في المنطقة الحدودية الشرقية للبلاد.

وأضافت أن النصب التذكاري أنشئ تكريما للبولنديين الذين قتلوا شرقي البلاد، لا سيما أولئك الذين تم ترحيلهم إلى معسكرات العمل في سيبيريا بعد الغزو السوفيتي لبولندا عام 1939، بالإضافة إلى ضحايا مذبحة "كاتين" عام 1940.

ويعرض النصب التذكاري أسماء الأماكن التي تم ترحيل البولنديين منها لاستخدامهم كعبيد في الاتحاد السوفيتي، وأسماء المعسكرات والمزارع الجماعية والبؤر الاستيطانية التي مكثوا فيها.

يقع النصب التذكاري الذي صممه ماكسيميليان بيسكوبسكي عند تقاطع شارعي مورانوواسكا والجنرال واديسلاو أندريس في العاصمة البولندية وارسو.

صمم بيسكوبسكي النصب البرونزي بارتفاع 7 أمتار عام 1991، وعرض رسميا في 17 سبتمبر 1995 بمناسبة الذكرى الـ56 للغزو السوفيتي.

معركة وارسو

في عام 2020 نُصبت لوحة على جدار مقبرة المسلمين التتار في وارسو، بمبادرة من الكلية الإسلامية العليا للاتحاد الديني الإسلامي واتحاد التتار في جمهورية بولندا، لتخليد ذكرى أسلافهم الذين قاتلوا دفاعا عن بولندا.

وتم الكشف عن اللوحة في الذكرى المئوية لمعركة وارسو عام 1920 بمشاركة مفتي بولندا توماس ميسكيفيتش.

وخلال الحرب البولندية البلشفية عام 1920، شارك فوج من المسلمين في القتال على طول نهر "فيستولا" بالقرب من مدينة "بلوك" حيث تكبدوا خسائر فادحة.
وبعد انتهاء المعارك نقل العديد من الجنود إلى منطقة "فيلنيوس أولانس 13" حيث أنشئت وحدات خاصة بالتتار، ليشارك الفوج مرة أخرى في حملة سبتمبر عام 1939 لمحاربة الغزو الروسي.

البدايات الأولى

تأسس الاتحاد الديني الإسلامي البولندي (MZR) عام 1925، وهو أقدم منظمة إسلامية في بولندا.

تمثل هذه المنظمة تتار "الليبكا" الذين عاشوا منذ القرن الـ14 في المناطق الحدودية بين ما يعرف حاليا ببولندا وليتوانيا وبيلاروسيا، ولهذا هم أحد أقدم المجتمعات الإسلامية الموجودة في أوروبا.

وتاريخيا، خدم المجتمع المسلم بولندا في حروب مختلفة، بما في ذلك جيش الملك جون الثالث سوبيسكي الذي حارب في معركة فيينا عام 1683.

ووفقا لتقديرات محلية، فإن مسلمي بولندا البالغ عددهم نحو 25 ألف نسمة يتوزعون بين تتار الليبكا والمهاجرين المسلمين القادمين من سوريا والشيشان والعراق وطاجيكستان وبنغلاديش.

وفي أوائل العصور الوسطى، كان التجار والمسافرون العرب أول المسلمين الذين وصلوا إلى بولندا، ومنهم إبراهيم بن يعقوب.

كان يهوديا يعمل في الخدمة الدبلوماسية للخليفة في إسبانيا، ويعد أقدم الناجين في دوقية (أرض) بولندا التي حكمها "ميسكو الأول" كأول دولة بولندية مستقلة.

أرض الخدمة

بدأ تاريخ الإسلام في بولندا في القرن الـ14 بعد استقرار المسلمين في دوقية ليتوانيا الكبرى، التابعة آنذاك للاتحاد البولندي.

كان المسلمون الأوائل حينها من تتار "القبيلة الذهبية" الذين غالبا ما كانوا أسرى حرب.

وخلال معركة "جرونفالد" عام 1410، تلقى الجيش البولندي-الليتواني الدعم من جلال الدين الحائز على ملكية عرش "تشان" في "القبيلة الذهبية"، وبعد المعركة بقي العديد من محاربيه في ليتوانيا.

وفي وقت لاحق، جاء التتار إلى ليتوانيا خلال القرنين الـ15 والـ16، وبدرجة أقل في القرن الـ17، حيث يقدر عدد التتار في دوقية ليتوانيا الكبرى بحوالي 15 ألف نسمة.

تم منح التتار الأرض مقابل الخدمة العسكرية، وتشمل مستوطنات التتار الأولى كولنولاري وكوزاكلاري وميريزلاني وبرودزياني وسوروك تاتاري.

حقوق المسلمين

لم يحصل المسلمون في بولندا على حرياتهم الدينية حتى دستور 3 مايو 1791، لكن دون أي حقوق سياسية.

وجاء دستور دوقية وارسو لعام 1807، ولاحقا دستور مملكة بولندا لعام 1815، ليمنحا الحقوق السياسية الكاملة للمسلمين.

وفي عهد آخر ملوك بولندا، ستانيسلاف أوغست بوناتوفسكي، شارك العديد من التتار المسلمين في الحرب ضد روسيا عام 1792، حيث كان الجيش البولندي بقيادة الجنرال التتري جوزيف بيلاك.

كما شارك التتار في العديد من المعارك خلال انتفاضة كوسيوسكو عام 1794، وبعد فقدان بولندا لاستقلالها، شارك المسلمون في العديد من الانتفاضات الشعبية.

 بعد الاستقلال

وبعد حصول بولندا على الاستقلال عام 1918، استقر حوالي 5 آلاف و500 مسلم داخل الحدود البولندية في مقاطعات نوفوغروديك وفيلنيوس وبياليستوك، كما استقرت جالية مسلمة صغيرة في وارسو.

أدت الحرب العالمية الثانية (1993-1945) وما بعدها إلى تغيير كبير في وضع المسلمين في بولندا، حيث تم تهجير التتار البولنديين إلى أراضي سيبيريا، وانتهى الأمر ببعضهم في معسكرات الاعتقال الألمانية.

وشارك العديد من التتار في الحرب العالمية الثانية على الجبهة الغربية كجنود في الفيلق البولندي الثاني، وعلى الجبهة الشرقية في الجيشين البولندي الأول والثاني.

وبعد انتهاء الحرب، استقر العديد من التتار في بريطانيا، وقاموا بتوسيع أراضيهم في نيويورك، وسافروا حتى أستراليا، بينما استقرت منهم عدة عائلات في تركيا.

captcha