ایکنا

IQNA

باحثات مشاركات في ندوة بيروت يؤكدن:

دور المرأة يبرز في عاشوراء بشكل إیجایي/ جاءت زينب(س) بمفهوم الستر والقوة في نفس الوقت

16:21 - August 23, 2020
رمز الخبر: 3477919
بيروت ـ إکنا: أكدت الباحثات المشاركات في ندوة "دور المرأة والأسرة في نشر ثقافة عاشوراء" الافتراضية في بيروت أن واقعة عاشوراء تعتبر من الوقائع المتميزة التي ييرز فيها دور المرأة بشكل ايجابي، مبيناً أن السيدة زينب(س) جاءت بمفهوم الستر والقوة في نفس الوقت.
باحثات مشاركات في ندوة بيروت يؤكدن:
وبمناسبة أیام محرم والذكری الألیمة لملحمة عاشوراء الحسین (ع)، نظمت المستشارية الثقافية الايرانية لدى لبنان ومؤسسة عاشوراء الدولیة ندوة افتراضیة تحت عنوان "دور المرأة والأسرة في نشر ثقافة عاشوراء والنهضة الحسینیة" بمشاركة نخبة من أهل الفكر والعلم والمعرفة,  عبر تطبيق برنامج " Zoom Cloud Meeting".

وبداية إستذكار المزايا  الكبيرة للراحل  آية الله الشيخ محمد علي التسخيري , رئيس المجلس الأعلى لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية الإيراني، ومستشار قائد الثورة الإسلامية في شؤون العالم الاسلامي، الذي  وافته المنية قبل أيام بعد مسيرة زاخرة بالعطاء والانجازات.
 
الكاتبة والمترجمة مريم ميرزادة

ثم قدمت الكاتبة والمترجمة مريم ميرزاده  الندوة بكلمة حيث اعتبرت: "إننا نقف من مرةً أخرى، رغم تحولات العالم، أمام مشهدية عاشوراء الحسين (ع) لنتعلّمَ الدروسَ قبل أن نرثي المعلّمين، ولنقتدي بأبطالِ التاريخ قبل أن نبكيَهم. دروسٌ كثيرة تحملها واقعة كربلاء وإننا اليوم نحاول تقديمَ أحد هذه الدروس الأساسية التي تلعبُ المرأةُ فيها دور المعلّم".

وأضافت ميرزاده:  جزءٌ كاملٌ من مدرسةِ عاشوراء يختصُّ بتقديمِ صورةٍ عن دور المرأة في صناعة البطولات. فأيُّ امرأةٍ لعبت دورَ البطولةِ في أكثر المشهدياتِ التاريخية حقيقةً، وأيُّ امرأةٍ هي تلك التي فقدت في العاشر من محرّم كلَّ شيء، وكانت مطالَبةً بالصمود لتبليغ الرسالة، لإيصالِ الراية، حتى يبلغَ صوتُ الحسين(ع) مسامعَ الأجيال حتى نهايات الزمان.. هل من ناصرٍ ينصُرُني؟".
 
رئيس مؤسسة عاشوراء الدولية؛ سماحة الشيخ محمد حسن أختري

وبعد ذلك تحدث سماحة الشيخ محمد حسن أختري رئيس مؤسسة عاشوراء الدولية فقال "نحن في هذه السنة وفي ظل هذه الظروف الصعبة نحيي ذكرى عاشوراء بالشكل غير المتعارف عليه عند عشاق الحسين "ع" ، حيث منعتنا هذه الظروف من الاجتماع في المجالس واقامة المواكب الحسينية. وارتئينا ان ننظم برامج احياء هذه الذكرى العظيمة بهذا الشكل علنا نستفيض منها ما يروي عطشنا للحسين "ع" ، ولذلك ما عساي الا ان اقدم شكري الجزيل للدكتور خامه يار والى جميع الزملاء العاملين في المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان ، لتنظيم هذه الندوة القيمة ".
باحثات مشاركات في ندوة بيروت يؤكدن:
وأضاف الشيخ محمد حسن أختري يقول الامام الرضا "ع" ( ان يوم الحسين اقرح جفوننا واسبل دموعنا واورثنا الكرب والبلاء الى يوم الانتقضاء) . ونحن ايضا نقول بان شهر محرم قد اقرح جفوننا واسبل دموعنا واورثنا الكرب والبلاء الى يوم الانقضاء، كما قال الامام الرضا (ع)".

وعن دور المرأة في نشر الثقافة العاشورائية اشار الشيخ محمد حسن أختري الى ان للمرأة كما للرجل دوراً فاعلاً في المجتمع البشري على جميع الاصعدة ، فدور المرأة يضاهي دور الرجل في احياء القيم العليا والثقافة الدينية في المجتمع . ان احياء قيم المجتمع تتجلى في عاشوراء الحسين"ع" . فكلا من المرأة والرجل ادى دوره وبشكل فاعل في واقعة الطف المؤلمة.
 
وختم  الشيخ محمد حسن أختري  كلامه بالقول "إن للمرأة دوراً بارزاً في قضية عاشوراء ، ويتجلى هذا الدور في عدة مجالات:

دور المرأة في نفس واقعة كربلاء ، من بداية خروجها مع الامام الحسين"ع" واهل بيته الاطهار"ع" من المدينة المنورة الى مكة المكرمة، ثمّ من مكة المكرمة الى الكوفة ومن ثم الى العراق.

وكان للمرأة دور بارز خلال مواكبتها لركب الحسين "ع" في هذه المسيرة وعلى راسها بطلة كربلاء زينب عقيلة بني هاشم وبنت امير المؤمنين "ع"، منذ دخولهم الى كربلاء ولغاية اليوم العاشر من محرم . فكان دورها يتجلى في الحراسة والتشجيع والمعاضدة . وحتى في يوم كربلاء كان للمرأة تجلي بارز تمثل في زينب "ع".
 
المستشار الثقافی الایرانی لدى لبنان؛ الدكتور عباس خامه يار 

من جهته المستشار الثقافی الایرانی في لبنان الدكتور عباس خامه يار وبعد ان شكر المشاركين في الندوة,  أشار الى  كلام للإمام الخميني (قده) يقول فيه: "القرانُ الكريمُ يصنعُ الإنسانَ والمرأةُ تصنعُ الإنسان.. الإسلامُ لا يوافقُ على حريةِ المرأة فحسب، بل يُعتبَرُ واضعَ أسسِ حريتِها في جميعِ أبعادِها الوجودية... لهنَّ الحقُّ في التدخلِ في السياسةِ وهذا هو تكليفُهنّ... وفي الإدلاءِ بأصواتِهنَّ والحصولِ على أصواتِ الآخرين... وليسَ هناكَ أيُّ مانعٍ من التحاقِهنَّ بالجامعاتِ والإداراتِ والمَجالس... يجبُ أن تتدخلَ المرأةُ في مُقَدِّراتِ البلادِ الأساسية".
 
واشار الدكتور عباس خامه يار الى ان زينب بنت علي (ع) "تُعطينا النموذجَ الأمثلَ لشخصيةِ المرأة، في أبعادٍ مختلفةٍ منها الصبرُ والقوةُ والعطفُ والتربيةُ وحمايةُ الأسرةِ وغرسُ ثقافةِ الإيثارِ ونُصرةُ الحقِّ وبَذلُ كلِّ ما يملِكُهُ الإنسانُ في هذا الطريق. فقد رأينا زينب أماً صابرة تحمي العيالَ في غيابِ الرجال، ورأيناها أختاً مجاهدة لم تترك أخاها الحسينَ وحيداً أبداً، فكانت إلى جانبِه في ثورتِه ضد الظلم، ووقفت في لحظةِ حيرةٍ أتُقاتلُ مع أخيها أم تحمي العيالَ وتبقى معهم، فاختارَت العيالَ وحمايةَ بناتِ الحسين وصغارِه، لأنّ جهادَ المرأةِ يختلفُ في الكيفية عن جهاد الرجل، بناءً على وظيفةِ كلٍّ منهما وقدراتِه التكوينية. اختارت زينب إكمال رسالة النهضة الحسينية والتبليغ بها في كل العالم حتى تصلَ صرخةُ الحق إلى مسامع البشر على امتدادِ التاريخ".
 
وختم الدكتور عباس خامه يار بتوجيه التحية الى الحضور، والمشاركات الكريمات "ممّن حضَرنَ لإحياءِ اليوم الأول من عاشوراء محرم، على طريقتهنّ في ظلّ الصعوبات التي نعيشُها, مجدداٌ  التعزية للعالم الإسلامي برحيل آية الله الشيخ محمد علي التسخيري.
باحثات مشاركات في ندوة بيروت يؤكدن:
 
رئيسة جمعية السيدة زينب(ع) الخيرية في لبنان؛ الدكتورة زينب عيسى
 
ثم تحدثت الدكتورة زينب عيسى رئيسة جمعية السيدة زينب(ع) الخيرية عن "دور المرأة في تبيان أبعاد الصراع الايديولوجي الرسالي؛ السيدة زينب بنت علي (ع) نموذجاً" فقالت: تُمثِّل المرأة في جوهرها مستودع الموروث الثقافي الديني والحضاري كما أنها رُكنٌ أساس في البناء الأسري والمجتمعي. وكما يقول الإمام الخميني (قدس سرّه) المرأة هي تجسيد لتحقيق آمال البشرية وهي مربية المجتمع الإنساني فهي تقدِّم من خلال رعايتها وتربيتها الأسرية كوادر المجتمع وتزرع المبادىء والقيم الرسالية والفضائل الإنسانية... ودائماً يعطي مثالاً عن سيدات الإسلام السيدة خديجة والسيدة فاطمة(ع) وتربيتها لأبنائها الحسنين عليهما السلام والسيدة زينب عليها السلام التي سوف تُشكِّل محور توجّهيّ في هذا المؤتمر انطلاقاً من الدور الرسالي للسيدة زينب (ع) منذ خروج الإمام الحسين(ع) من المدينة الى مكة ومنها وصولاً الى كربلاء وما حلَّ بكربلاء(واقعة الطف) واستشهاده(ع).
 
واضافت الدكتورة زينب عيسى: "نحن مع السيدة زينب(ع) أمام شخصية راشدة تتمتع بمستوى عالٍ من الاقتدار والنضج النفسي والانفعالي في التواصل الاجتماعي وما يمكن التعبير عنه بالكفاءة الاجتماعية والذكاء الانفعالي طيلة تجربتها الوجودية الحياتية. تلك المقومات كانت أكثر بروزاً خلال وبعد واقعة كربلاء مع بداية رحلة السبي حيث أثبتت مقدرة هائلة في إدارة حياتها الانفعالية فكانت أمام أهل الكوفة مع كل المآسي والأهوال التي مرَّت عليها؛ إنسانة مفعمة بالثقة والإرادة. وقد ألقت خطاباً عرضت فيه القارعة التي ألمّت بالإمام الحسين(ع) وآل بيته. كما ألمحت الى الأهوال التي سوف يلاقيها أهل العراق نتيجة الخيانة والغدر في مواقفهم مع الإمام الحسين(ع).  لقد كشف خطاب السيدة زينب (ع) في أهل الكوفة البناء النفسي الاجتماعي لأهل الكوفة وإشكالية الوعي واللاوعي عندهم من خلال الدخول الى عمق البنية النفسية باستخدام مفردات لغوية مليئة بالإيلام والتأنيب. وقد بيّنت الهوية المرجعية الدينية للإمام الحسين(ع) والحدث الهلعي باستشهاد حفيد النبوة والإمامة.  وقد عبّرت بقولها " وَأَنَّى تَرْحَضُونَ قُتِلَ سَلِيلُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ، وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَلَاذُ حَيرتِكُمْ وَمَفْزَعُ نَازِلَتِكُمْ  ....".
 
الاستشارية النفسية ومؤلفة كتاب "قراءة نفسية في واقعة الطف"؛  الكاتبة  الدكتورة زهراء الموسوي من الكويت

وبعد ذلك  تحدث من  دولة الكويت  الكاتبة  الدكتورة زهراء الموسوي, الاستشارية النفسية ومؤلفة كتاب "قراءة نفسية في واقعة الطف"،  عن "دور الأم والزوجة في اتخاذ القرارات وانعكاسه على الأسرة", قفالت : وحتى فترات ليست بعيدة انحصر دور المرأة خصوصاً في المجتمعات غير الزراعية في البيت واعمال المنزل والانجاب ورعاية الابناء ولذلك قليلة المصادر التاريخية التي تذكر لنا عن سيرة وحياة حتى النساء البارزات في التاريخ.

لكن واقعة عاشوراء تعتبر من الوقائع المتميزة التي ييرز ويظهر فيها دور المرأة آولاً بشكل مؤثر جداً وثانياً بشكل ايجابي.
 
والقول المشهور بأن كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء يعني أن الحياة اليومية نسخة مصغرة لمواقف عاشورائية، لذلك يجب أن تعلم المرأة سواء كونها أم او زوجة أو أخت بأنها مسؤولة أمام المواقف الحياتية التي يكون فيها ظلم أو تعدي على الاخر.

الروائية والاستشارية الأسرية من الكويت؛  الدكتورة خولة القزويني

والدكتورة خولة القزويني من الكويت, الروائية والاستشارية الأسرية، تحدثت عن "مواجهة تسليع الغرب للمرأة لتدمير بنيان الأسرة؛ تعزيز ثقافة الاقتداء بشخصية زينب (ع)، فكراً وسلوكاً", فاشارت الى ان من يستقرئ واقعنا الاجتماعي يدرك أن هناك مشروعاً يعمل في الخفاء على تفكيك الاسرة المسلمة وتغييب قيمها الروحانية والانساني واستجلاب فكر هدًام يعمل على خلخلة العقيدة.

وهذا المشروع ليس له اذرع حديدية ولايستخدم القوة العسكرية بل تغلغل فينا عبر اساليب ووسائل ناعمة وهذا ماعبر عنه " جوزيف ناي"،  وزير الدفاع الامريكي الاسبق بالحرب الناعمة وهي التأثير على الشعوب بوسائل سلمية لطيفة فكيف دمروا الاسرة ؟

ونعرف ان المرأة هي المحور الذي تدور حوله الاسرة لهذا كانت مستهدفة فكرياً ونفسياً وعاطفياً، كرسوا انوثتها في قضايا التجميل والتصابي وغيبوا الجانب الانساني فيها وأخذت وسائل الاعلام وبرامج التواصل الاجتماعي تروج برامج ومسابقات ودعايات واعلانات عبر نماذج اعلامية كالفاشنستات، وفرض مقاييس جمالية عالمية جعلت المسلمات يلهثن خلف عمليات التجميل والتشبه بالفنانات والاعلاميات وتشكيل نموذج ضعيف ، مائع ، متذبذب للمرأة هم يريدون نمذج امرأة فارغة الفكر والقوة والسمو لتنجب جيلاً مائعاً ويريدون بالمقابل التعتيم الاعلامي على النموذج الاسلامي العظيم المتمثل بالسيدة زينب عليها السلام.
 
الكاتبة والاعلامية تونس "فاديا الحسيني"

ومن تونس  تحدثت فاديا الحسيني , الكاتبة والإعلامية، عن ممیزات الشخصیات النسویة الفذّة المشاركة في ملحمة عاشوراء وسبل التعریف بها لتكونَ قدوةً للنساء عموما".

وبدأت كلمتها بالحديث عن استراتيجية السيدة زينب (ع) بعد عاشوراء التي ابتدأت واستمرت حتى يومنا هذا, استراتيجية ذات ابعاد متعددة ، وهي لولا زينب عليها السلام لم نكن نعلم بما حصل أو ماذا حصل في كربلاء ، لم نكن سنعلم ما هي حجم المظلومية التي إلى الآن نعيشها وتعيشها المرأة عبر الزمن، تلك المرأة التي حملت رأس أخيها من العراق من الكرب والبلاء إلى آخر وكل حدود عبرت بهذا الرأس وتحدثت إلى المئات والعشرات والآلاف لكي تقل لهم ، ماذا حصل هناك، لكي يكون الذي حصل في كربلاء هو سلاح ذو حدين ، سلاح للرجل ، وسلاح  للمرأة ، للمرأة المسلمة . لأن زينب هي جبل من الصبر ، وجبل من العزيمة ، وهي كانت الإعلامية الأولى عبر الازمان وعبرالتاريخ ، إلى أن أصبح الكتّاب العالميين يتحدثون عن مظلومية كربلاء ومظلومية آل البيت.

وختمت  الاستاذة فاديا الحسيني كلمتها بالقول " إذا لولا زينب لم تكن المرأة في الإسلام تعيش في أمان، وتعيش في قوة وتعيش أمام هذه القوة العالمية وهذا الجبروت العالمي الذي جاء لتسويق المرأة على أنها متداولة وعلى أنها رخيصة وسلعة، بل جاءت زينب(س) بمفهوم الستر والقوة في نفس الوقت، فالتستر ليس هو ضعف وليس هو رجعية بل تقدم وتقدم نحو الأمام".
 
الأستاذة أمل سماحة، من الهيئات النسائية في لبنان

والكلمة الاخيرة كانت  للاستاذة  أمل سماحة من الهيئات النسائية في لبنان وتناولت"عاشوراء وثقافة الصبر في دور السيدة زينب (ع)؛ زمن كورونا مصداقا".

وقالت سماحة "كلام لا يشوبه شك أن المرأة لها دور أساسي في بناء المجتمع وتنميته وتطويره... فالنساء لهن الدور الأبرز في تنشئة المجتمعات.. ودور المرأة واسع جدا.. كأخت أو زوجة أو ابنة.. فهي هي تلك الشعلة التي تضيئ حنانا ودفأ وفكرا.. وفي داخل الاسرة.. لها الدور التربوي.. والدور الاجتماعي.. والدور الاخلاقي.. والدور النفسي، والعقائدي والفكري... وهنا سنسلط الضوء على الجانب النفسي داخل الأسرة.
باحثات مشاركات في ندوة بيروت يؤكدن:
واكدت  الاستاذة سماحة ان سر قوتنا هو حضور كربلاء في نفوسنا.. حضور زينب عليها السلام ونساء كربلاء في قلوبنا... فالمرأة في كربلاء كان لها ذلك الدور البارز والعظيم.. والذي ساهم في خلود عاشوراء.. ذلك الوجود الذي يمثل الزخم العاطفي.. يحفز.. يخفف الالام.. يقوي الهمم والارادة.. يشد الأزر.. رغم كل الآلام والجراحات.. تجاوزت المرأة عاطفتها وضعفها الجسدي وأدت مسؤوليتها بكل جدارة.. وقدمت النموذج للمرأة القوية القادرة على الصمود والثبات حتى في أحلك الظروف.. وهذا ما اكدته تلك السيدة العظيمة زينب عليها السلام.. تلك المرأة الرسالية القوية الحكيمة... لذا.. كانت دائما زينب شامخة قوية صابرة.. أبدا لا نراها مهزومة ولا ضعيفة ولا منكسرة رغم كل وجع وحزن وألم.. وهذا ما حرصت عليه كل امرأة وجدت في كربلاء.. ان يكون موقفهن موقف عز وعنفوان وقوة... كما حرص إمامهم على ذلك"والله.. لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد.." "هيهات منا الذلة..."

هذه الصرخة التي هزمت عروش الطغاة وفضحتهم.. عاشوراء انتصرت بدماء الحسين واصحابه واهل بيته.. وايضا بقوة زينب وعزيمتها وصوتها النابض.. ليكون صوتها يدوي في كل زمان ومكان ضد الظلم والابتلاءات والمصائب.. لتكون كل ساحة كربلاء.
 
وفي الختام تُليت رسالة من سوريا للاعلامية روعة يونس وهذا نصها:
  
أنا متشرفة الآن لأنني أولاً أدلي بشهادة صغيرة في شأنٍ أو موضوع يتصل بالسلام عليه الحسين، شهيد الإنسانية. وثانياً لأنني في حضرتكم عبر منبركم الموقر، إذ أفخر دائماً بإعلان انتماءٍ (ما) إلى جمهورية إيران الإسلامية. وأقول انتماء (ما) ليس لأنني أجهل هويته، بل لأنه انتماء متعدد الأوجه فيه السياسة والثقافة والروح والإنسان والإنجاز. مثل ما فيه من مقاومة أعتد بها وأتشرف.

ومن المهم هنا قبل أن أدلي برأيي أو مداخلتي أن أوضح: أنني وإن فقدتُ صوتي بسبب عمل جراحي في الأحبال الصوتية، لكن بعون الله لا أفقد كلمتي.. وأشكر كل من ساهم في إيصالها هنا إلى هذا المنبر الموقر.

فيما يخص محور دور  المرأة في النهضة الحسينية، سأحاول الإيجاز وأشير إلى دورين للمرأة عبر جيلين، مستعينة بتجربة والدتي -رحمها الله- معنا أخوتي وأنا. وبتجربتي أنا مع أبنائي.

أولاً- دور الأم:

نشأتي في عائلة مسيحية- متدينة غير متعصبة، لم تكن نشأة منغلقة، بفضل والدتي. التي كان دورها بارزاً في تعريفنا إلى سيرة "الحسين" عليه السلام. ولا أنكر أن بدايات والدتي بالاهتمام والاستماع إلى سيرة وثورة الحسين عليه السلام، كانت شرارتها ما كان يتردد عن تقاطع ما، بين سيرته وسيرة المسيح عليه السلام، تقاطعٌ يتصل بنبذ الظلم ورفض استلاب الحقوق وإعلان الثورة والمضي في روح الدين والحفاظ عليه وإن كان الموت هو الاختيار.

وذات مرة سألت والدتي: هل لو لم يكن هناك تشابه أو تقاطع بين سيرتيهما، كنتِ ستصرين على قناعتك واهتمامك بوقائع ومناسبات وزيارات مراقد الحسين وأهله عليهم السلام؟ فأجابتني: نحن نحب الفكر والأخلاق والإنسانية التي اتصف بها الحسين عليه السلام. وليس منطلقنا "ذاك التشابه أو التقاطع" بل منطلقنا هو بشخصه وسيرته ومسيرته.

ثانياً- دوري كأم:

وأتاحت لي الدراسة والسفر وطبيعة عملي وميولي الأدبية، أن أطلع –ربما- أكثر من والدتي على تاريخ الحسين عليه السلام. فاطلاع أمي كان مقتصراً على "المحلية" أي ما تعرفه وتقرأه وتجده في محيطها الضيق عن الحسين عليه السلام.

واطلاعي من مصادر عربية وغربية على تاريخ الحسين وثقافته ومقولاته وحياته وصولاً إلى كربلاء. ولّد لدي معرفة أكبر، واعتقاداً بضرورة تمرير وإيصال رسالته عليه السلام لأبنائي.

ولا أنكر أن لدى الأبناء اهتمامات ربما غير دينية أو تاريخية. لكن قناعتي بأن الثورة والنهضة الحسينية تتجلى في إحدى صورها الآن عبر المقاومة. مقاومة الشر والمحتل والظلم، ورفض المساس بالحق والكرامة والأرض والعرض تمكنت من استدعاء سيرة ومسيرة الحسين عليه السلام، ومقاربتها بما يحدث في الواقع الآن. وكيف أننا في مقاومتنا نُشكل امتداداً لتلك الثورة والنهضة.

فأنا -ومثلي أبنائي- لست "مواطن مسيحي" بل مواطن سوري ينتمي إلى الشرق إلى الإنسانية، ينتمي إلى هذه الأرض وهذا التاريخ الذي أحد سادة شباب الجنة فيه هو الحسين عليه السلام.

دور المرأة المسيحية في تكريس وتعزيز النهضة الحسينية أصعب من شقيقتها غير المسيحية. لهذا على المرأة المسيحية إن شاءت الانتصار لسيرة ومسيرة واسم الحسين، أن تعتمد على مقاربة الحاضر والماضي. وعلى ما مثّلته محاربة الشر والظلم والخيانة قبل 1350 عاماً، ومحاربة الشر والظلم والخيانة الآن في عصرنا الحالي.
captcha